Home

العمال والمزارعون الكولومبيون يتحدون الليبرالية الجديدة العالمية

07.09.13 Editorial
نسخة للطباعة

ها قد بدأت كولومبيا تحصد شوك التجارة الحرة التي زرعته، حيث يقوم العمال في المناطق الحضرية بالإضافة إلى النقابات بدعم إضراب مئات الآلاف من صغار المزارعين الذين دمرتهم الاتفاقيات التجارية الأخيرة مع الولايات المتحدة والبلدان الأخرى، حيث أن موجة الإضرابات والمظاهرات هذه ليست فقط الحركة الاجتماعية الأكثر أهمية منذ عقود في هذا البلد.

ولكنها اليوم تشكل التحدي الأوسع نطاقا لمشروع الليبرالية الجديدة العالمية.

في الزمن الذي جرى فيه إعداد المعاهدات التجارية والاستثمارية الجديدة مثل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ TPPA تحت غطاء من السرية الشديدة، فإنه كان هنالك الكثير مما نحتاج لأن نتعلمه. وكنا بحاجة إلى الدعم العالمي آنذاك.

قام منتجو الدواجن، والألبان، والأرز، والبطاطس، والبن وغيرهم من المنتجين الزراعيين بالانضمام إلى سائقي الشاحنات الذين يحتجون على ارتفاع أسعار الوقود، وإلى العاملين في مجال الصحة الذين يكافحون الخصخصة، وإلى عمال المناجم الذين يحتجون على هبات بلادهم لمواردها المعدنية، وإلى المعلمين، ومع أن كل جماعة لها مطالبها الخاصة إلا أنهم كلهم يجتمعون في دعمهم للحركة الثورية في المناطق الريفية. وكان لمركز العمال المتحدون الوطني CUT ونقابات أخرى دورا حاسما في عملية حشد التأييد وعلى نطاق واسع.

اتفاقية التجارة مع الولايات المتحدة والتي دخلت حيز التنفيذ العام الماضي، ألغت فورا الرسوم الجمركية على نحو 70 ٪ من الواردات الزراعية وحددت مراحل زمنية لإلغاء الرسوم على المنتجات المتبقية. وجاءت النتيجة التي كان بالإمكان التنبؤ على شكل طوفان من الواردات الرخيصة والتي كثير منها يستفيد من الدعم الحكومي المباشر أو الخفي. وقد أثر ذلك على الحياة المعيشية بشكل مباشر وحاد.

وكان الرد من قبل الرئيس سانتوس، أولا، بإنكار الاحتجاجات التي كانت تجري (بالرغم من استخدام العنف ضد المتظاهرين)، ثم بإلقاء اللوم زورا على حركة الثوار. تصاعدت حدة القمع وفي يوم 25 أغسطس قامت الشرطة في بوغوتا بالقبض على هوبير دي خيسوس غوميز باليستيروس، وهو عضو في المجلس التنفيذي لـCUT واحد قادة النقابة المعينين للتفاوض مع الحكومة. ولغاية الآن لا يزال رهن الاحتجاز. ثم قال سانتوس انه مستعد للتفاوض مع مطالب حركة الثوار بشرط أن تتوقف الإضرابات والاحتجاجات. وأخيرا وافق على المفاوضات على أساس ضمانات المعاهدة المزعومة، ولكن لا تزال المحادثات تجري في طريق مسدود.

وفقا لأحكام المعاهدة، فإن هذه الضمانات لا وجود لها.

تحظر المعاهدة على كولومبيا بشكل خاص استخدام الرسوم الجمركية المتغيرة والتي كان مسموح بها سابقا، والتي بموجبها قد ترتفع الرسوم الجمركية مع تراجع أسعار الواردات. ومع أنه يسمح باتخاذ تدابير مؤقتة عند التغيرات المفاجئة في كميات السلع، ولكن هذه التدابير تكون فقط على تلك الواردات التي لا تكون خاضعة بالفعل للإعفاءات الجمركية. المنتجون الكولومبيون ليس لديهم وسائل دفاع ضد تقلبات الأسعار التي تعمل على تدمير سبل عيشهم. وحتى آليات الحماية الزراعية المحدودة جدا والمسموح بها حاليا بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية هي مستثناة في الاتفاقية بين الولايات المتحدة و كولومبيا – وهذا مثال ساطع حول كيف أن الاتفاقات التجارية والاستثمارية المتعاقبة تشكل طبقة من عدة مستويات تقوم على تقييد  مساحة السياسات الوطنية و تقوم بتعزيز سلطة الشركات.

تقلب السعر ليس هو العنصر الوحيد الذي يهدد الأمن الغذائي والدخل في المناطق الريفية. المضاربات المالية، وارتفاع أسعار الأراضي و الحملة التي تشنها الحكومة ضد البذور " غير المسجلة " كلها تشكل اجزاء الصورة.

يتواصل قتل النقابيين والناشطين والمدافعين عن الفلاحين وعن الحريات المدنية ويتواصل الإفلات من العقاب على الرغم من " الضمانات " المرتبطة مع الصفقات التجارية مع الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي. في يوليو، استقال سفير كولومبيا في الولايات المتحدة إثر قضية تتعلق بدوره المزعوم في نقل الأراضي التي يملكها أصحاب الحيازات الصغيرة في كولومبيا إلى شركات عملاقة من خلال شركات وهمية مسجلة في الخارج. ومن بين تلك الشركات شركة كارجيل والتي مقرها في الولايات المتحدة، وشركة ريوبايلا كاستيلا، وهي أكبر منتج للسكر في كولومبيا بالإضافة إلى شركة مالية يملكها الملياردير صاحب أكبر صحيفة في كولومبيا، وهو صديق مقرب من الرئيس سانتوس. تقويض الأمن الغذائي هو مشروع مشترك بين المستثمرين الكولومبيين والأجانب.

تحت شعار "كلنا مزارعين صغار"، تطالب الحركة الثورية بإعادة التفاوض على الاتفاقات التجارية أو حلها. ويجب على النقابات في جميع أنحاء العالم دعم هذا المطلب - ودمج الدروس المستفادة من كولومبيا في النضال الجاري من أجل هزيمة اتفاقيات الـTPPA ومثيلاتها من اتفاقيات الاستثمار المناهضة للديمقراطية.

يتم نشر التحديثات حول حركة التمرد في كولومبيا بانتظام على الموقع الإلكتروني للـIUF الخاص بالمنظمة الإقليمية لأمريكا اللاتينية