تحقيق الديمقراطية الآن
إن الثورة الشعبية الديمقراطية التى بدأت فى تونس وتنتشر حاليا فى شتى ربوع دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط أصابت الجميع بالذعر والمفاجأة والإلهام أيضا ولم يكن الذعر مقصورا على هؤلاء الذين لديهم حسابات بنكية بالعملة الصعبة ويبحثون عن ملاذ آمن لأموالهم حيث يزحف السياسيين لإيجاد منفى مريح وسفارات ومكاتب خارجية نجدها تحترق وتتمزق بشئ من الصعوبة وهذا الأمر يمتد لكافة المتربحين فى المنطقة والخارج من خلال الروابط المتعددة مع منظومة تشتمل على حزمة من العنف والقهر.
إن التصميم غير الاعتيادى والتنظيم والقدرة على التنظيم فضلا عن الأمل المتزايد فى الجماهير الهائلة والتى تظاهرت من أجل الحرية فى القاهرة والمدن المصرية الأخرى قد أثارت إلهام الجميع حول العالم والذين عرفوا بنضالهم وتأكدت عقيدتهم فى ذلك ونفذوها ومهما تكن النتائج فى مصر فلقد كتب الشعب تاريخه ولا يمكن لنظام حاكم بوليسى أن يبقى فى الحكم للأبد.
إن الإعلان عن تأسيس اتحاد نقابات عمال مصر المستقل فى نهاية شهر يناير الماضى يعتبر تقدما ديمقراطيا هائلا وهذا الأمر قد يفاجئ فقط هؤلاء المشاركين فى فهم وإدراك تاريخ الشرطة (والذى يعترف فقط بالمؤامرات) وخلال السنوات الأخيرة رأينا نضالا هائلا ضد تطبيق قانون الطوارئ فى مصر من قبل عمال الغزل والنسيج وعمال القطاعات العامة والخاصة الأخرى والذين ناضلوا من أجل الخبز والكرامة فى وجه القمع اليومى مما جعلهم يدخلون فى نزاع فورى مع النظام الحاكم.
ونجد أن العمال يتحركون فى كافة أنحاء المنطقة غير أن دفع حركتهم للأمام يتطلب نقابات عمالية مستقلة ففى تونس تحولت ثورة المجتمع إلى الاتحاد العام التونسى للشغل من أجل التنظيم والتنسيق حيث قامت الحركة النقابية بتجميع كافة القوى من كل مكان، وبات مطلوبا من الاتحادات العمالية المرتبطة والمقترنة بأنظمة حاكمة استبدادية أن تصبح آليات للتعبير عن مصالح العمال وإلا سيتم التخلص والقضاء عليها ببساطة شديدة.
ولا نعرف على وجه اليقين أى من المنظمات فى الوقت الراهن سوف تنهض فى النهاية.